الخميس، 26 مايو 2011

حى الشيخ أبو اسحاق الحوينى ( استغفر الله العظيم سابقاً ).



لقد بلغت منذ عدة أيام عامى الخامس و الثلاثين و لكن من يرانى يعتقد أننى فى الخامسة و الخمسين من عمرى. لم أتزوج حتى الاَن ولم أستطع أن أُنجز شيئأً رغم مرور عشرة أعوام على الثورة المصرية التى أطاحت بنظام الديكتاتور مبارك. لقد وجدت عملاً فى إحدى الصيدليات فى حى الشيخ أبو اسحاق الحوينى والصيدلية لا تبيع سوى نادراً، ولكن ذلك لا يعود إلى تحسن صحة المصريين فالسبب الحقيقى هو الفقر المُدقع الذى يعيشه المصريون الاَن فنحن نعيش على المعونات الخارجية. عدد سكاننا 80 مليون فعددنا ثابت منذ أن تحررنا من نظام الديكتاتور مبارك. قد يظن البعض أن ذلك بسبب تنظيم المصريين للأسرة، ولكن هذا غير صحيح فالسبب الحقيقى يرجع إلى هجرة أكثر من نصف هذا الشعب وعدم قدرة الشباب على الزواج فى الوقت الذى يتزوج فيه اَخرون من أربعة زوجات وله من كل زوجة أربعة أو خمسة أبناء. لقد حَفيت قدماى إلى أن وجدت هذا العمل مع هذا الرجل الطيب إنه الدكتور محمود مؤمن، وهو اسم على مُسمى فهو رجل مؤمن بالله حق الايمان، وغير مُطلق لحيته و لذلك وجدت عنده هذا العمل. فهو لا يحكم على الانسان بلحيته ولا بملابسه،و لكن بالكفاءة .. ويحكى لى دائما كيف كانت صيدليته قديماً لا تخلو من الزبائن الذين عزفوا عن الشراء نتيجة للفقر المدقع إلى جانب عزوف الكثيرين عن دخول صيدليته لأنه غير مُطلق لحيته رغم أنه لا يترك صلاة فى المسجد، وكثير التصدق على الفقراء.

كما يحكى لى عن أيام الرواج الاقتصادى لـ "حى الشيخ أبو اسحاق الحوينى" فلم يكن الشارع يخلو من السائحين ومن الزائرين لمسجد السيدة زينب الذى كان يقع فى الحى وكان اسم الحى باسمه قبل أن تتم إزالته منذ تسع سنوات بحجة أن المساجد التى بها قبور حرام و مُخالفة للاسلام.

وأثناء تلك الأفكار التى تدور فى ذهنى دخل شخص مُلتحى أعطانى روشتة وطلب الدواء الذى بها فأحضرت له الدواء وهو ينظر إلى نظرة غريبة توحى بالاحتقار وسألنى: هل أنا مسلم؟
- فضحكت وقُلت له: وهل هنا فى مصر الاَن غير المسلمين؟!
- فقال لى مسلم وغير مُلتحى اقتداء بالرسول عليه الصلاة و السلام؟! وانصرف بعد وصلة من الردح.

وعُدّت للجلوس مرة أخرى والخوض فى أفكارى، والتفكير فيما آل إليه الحال الاَن فى مصر فقد قامت الثورة من أجل الحرية والعدالة والمساواة، وأنا الاَن قد حُرمت من أبسط حقوقى وهى ارتداء ما أُحب، وأن أطلق أو لا أطلق لحيتى طبقاً لما أراه فأينما سرت فى شوارع مصر لا تتركنى أعين الناس فكيف لهذا الجاحد الغير ملتحى أن يعيش وسطهم؟!

و البلد الاَن سياسياً فوق صفيح ساخن فهناك خلاف حاد قد نشب بين الشيخ محمد حسان شيخ الأزهر الذى لم يدرس فى الأزهر يوماً وحاكم مصر حازم شومان من جهة، والدكتور عصام العريان رئيس وزراء مصر والدكتور محمد بديع المرشد الأعلى لدولة الخلافة الاسلامية الراشدة المصرية من الجهة الأخرى. وسبب الخلاف غير معروف، ولكن هناك بعض الأنباء قد تسربت بأن السبب وراء ذلك كله هو خلاف حول تعليم البنات. فالشيخ محمد حسان وحازم شومان من وجهة نظرهما أن نكتفى بتعليم البنات حتى نهاية المرحلة الابتدائية، ثم يتفرغن اإلى تعلم الطبخ وإدارة شؤون المنزل بينما يرا الطرفان الاَخران أن نكتفى بتعليم البنات حتى نهاية المرحلة الاعدادية ، وأكثر ما يثير الضحك هو أى طبخ وأى منزل يتعلم البنات كيفية إدارته فى الوقت الذى عزف الشباب عن الزواج لسوء الأوضاع الاقتصادية؟! ولم يعد أمام البنت إلا أن تكون زوجة ثالثة أو رابعة إن كانت  سعيدة الحظ ولم يكن العجوز الذى ستتزوجه قد تخلى عن زوجته الرابعة من أجل أن يتزوجها؟!

وفى أثناء ذلك كله وهذا السيل المنهمر من التفكير دخل الرجل الذى اشترى منى الدواء منذ قليل الذى أسمعنى وصلة الردح وهو يسب و يلعن!
- وقال لى: ليش تسوى هيك؟
- فقُلت له: ايه فى ايه؟!
- قال لى: تعطينى دواء غلط غير اللى فى الوصفة الطبية.
- فقلت له: والله ما حصل!
- فقال لى: وكمان بتحلف بالله كدب أيها الكافر! والله لطخك وأخرج مسدساً من جيبه ووجهه ناحية صدرى ووضع يديه على الزناد مُطلقاً الرصاص نحو صدرى.

فوجدت نفسى مُستلقى بجانب السرير!، والعرق يُغطى كل جسدى وأنا أتحسس نفسى غير مُصدق أن ذلك لم يكن سوى كابوساً.

ورن هاتفى المحمول والمتصل هو صديقى وائل يُخبرنى بأن السلفيين فى إمبابة قد حاصروا كنيسة مارى مينا وحاولوا اقتحامها وحدثت اشتباكات عنيفة بينهم وبين المسيحيين الذين حاولوا صدهم عن اقتحام الكنيسة وقد أدى ذلك إلى سقوط 12 مصرى قتيل و 300 جريح. وأخذ يتحدث عن الوضع المُخيف الذى وصلت اليه مصر وأبواق الفتنة التى لا تكف ليلاً نهاراً عن بخ سمومها لتدمير بلادنا. وقال لى يبدو أننا سنطلب تأشيرات كندا قريباً، يبدو أن المتاجرين بالدين فى طريقهم للوصول للحكم، وإيصال هذا البلد الى الجحيم معهم .. وأقسم لى أنه فى حاله وصولهم للحكم فإننا لن نجلس فى البلد لأنها وقتها لن تصبح بلداً.


ملحوظة: لقد كتبت هذه الكلمات على أنغام أغنية "هذه ليلتى"  لسيدة الغناء العربى السيدة أم كلثوم أسأل الله ألا يحرمنا من صوتها الذى طالما أطربنا على مدار ما يقرب من سبعين عاماً.

دكتور أيمن
جميع حقوق الملكية الفكرية محفوظة للكاتب وللمدونة لا يجوز الاستعانة بأى من كتابات المدونة أو الكاتب إلا بعد الحصول على تصريح من الكاتب والمدونة ...


هناك 4 تعليقات:

  1. ايمن يا صديقى تكتب كلمات عذبة والموضوع جميل وطريف واسلوبك ممتاز
    تحباتى واعجابى

    ردحذف
  2. ربنا يخليك يا أستاذ أحمد
    دى شهاده اعتز بها و الله

    ردحذف
  3. مقال حلو جدا يادكتور وربنا يعينا علي الاشكال اللي انت عارفها

    ردحذف
  4. @ellolradwa

    ربنا يخليكى يا رضوى شرف ليا إنه المقال لاقى إعجابك :)
    يا رب :)

    ردحذف

Blogger Widgets