السبت، 30 يوليو 2011

ماذا لو حكم السلفيون مصر ؟!



هذا السؤال يطرح نفسه هذه الأيام بقوة خاصة بعد الجمعة الماضية التى تجمعت فيها جميع التيارات السلفية فى ميدان التحرير رافعة أعلام السعودية .

و الحقيقة أن الأعداد التى تجمعت فى ميدان التحرير هى أعداد وهمية لا تعبر عن الشعب المصرى الذى لا ينتمى إلى أى فصيل سياسى .
بل إننى إزددت تفاؤلاً بما حدث فعندما يأتى السلفيون من كل ربوع مصر بزوجاتهم و أولادهم و لا تتعدى أعدادهم بعد هذا الحشد مليون فهذا يدل على حجم هذا التيار الحقيقى فى الشارع المصرى الذى لا يتعدى 2% من الشعب المصرى.

و تأثير وصول السلفيين إلى الحكم فى مصر سيحدث تغييرات كبيرة فى ثلاثة زوايا هامة للغاية هى تغييرات سياسية و تغييرات اجتماعية و أخيراً تغييرات اقتصادية .


أولا: التغييرات السياسية :

السلفيون لا يؤمنون بالديموقراطية لأن الديموقراطية من وجهة نظرهم حرام فالديموقراطية بالنسبة للسلفيين هى عبارة عن تذكرة قطار ذهاب بلا عودة أو الذهاب إلى صناديق الاقتراع لمرة واحدة فقط .
و لذلك فهم سينقلبون على الديموقراطية التى أوصلتهم للحكم و سيطبقون ما يسمى بنظام "الامامة" الذى يحكم فيه الإمام مدى الحياة و من يختار الإمام لجنة تُسمى "لجنة أهل الحل و العقد" تلك اللجنة مكونة من كبار شيوخ السلفية الذين يعرفون الشرع و سيختارون بالتأكيد الصالح للبلاد من وجهة نظرهم فلا يُترك حق الاختيار للعامة و فى أحسن الظروف سيتم طرح اسمين للعامة يختار هذين الاسمين لجنة أهل الحل و العقد ليختار العامة واحد منهما .

و السلفيون لا يعترفون بالأحزاب فالأحزاب من وجهة نظرهم حرام لأنها تبث الفرقة بين المسلمين و لذلك سيتم إلغاء الأحزاب .

و هذا هو السيناريو المتوقع حدوثة سياسياً فى حال وصول السلفيون للحكم .

و هذه التغييرات السياسية لن ترضى حوالى 25% من الشعب المصرى الذى يبحث عن الحرية و يتوق إلى الديموقراطية .
ثانياً : التغييرات الإجتماعية :

سيتم إلغاء دور المرأة نهائياً فى المجتمع من خلال فرض النقاب و منع المرأة من العمل و منعها من قيادة السيارات مما سيقضى على دور المرأة نهائيافى مجتمع يتعدى فيه عدد الأسر التى تعولها المرأة أكثر من 50% من عدد الأسر المصرية .

إغلاق دور السينما و الأندية و غيرها من أماكن الترفيه .

سيتم فصل الشباب و الشابات فى الجامعات .

ظهور هيئة الأمر بالمعروف و النهى عن المنكر على غرار السعودية .

سيهاجر الكثير من المصريين من أصحاب العقول الواعدة و العلماء إلى الخارج لأن العلم لا يعرف الإبداع إلا بالحرية فالعلم و الحرية وجهان لعملة واحدة .

ستنتشر البطالة للأسباب التى سأوضحها لاحقاً فى التغييرات الاقتصادية مما سيؤدى إلى زديادة نسبة المتخلفين عن سن الزواج .

سيفرض على المسيحيين دفع الجزية و سيحرموا من تولى أي مناصب حتى و لو كانت صغيرة أو رمزية لأنه حسب عقيدتهم لا ولاية لغير المسلم على المسلم .

ثالثاً : التغييرات الاقتصادية :

و هى الأهم فى كل ما سيطرأ على مصر من تغييرات نظراً للظروف الإقتصادية التى يمر بها المجتمع المصرى.

فالمجتمع المصرى الذى يقبع أكثر من 50% منه تحت مستوى خط الفقر و 20% عند مستوى خط الفقر لا يهمه سوى الوضع الإقتصادى فالعامل الإقتصادى هو الأهم فى مصر حالياً.

و السلفيون لا يملكون رؤية إقتصادية واضحة أو أى برنامج إقتصادى و كل ما يروجوه فى برنامجهم هو تطبيق شرع الله على حد قولهم و رغم احترامى للشريعة فمصر تطبق الشريعة و لكن من وجهة نظرهم لا تطبقها لأنهم يتعاملون مع الشريعة و النصوص الإسلامية على أنها نصوص جامدة و هذا ليس موضوعنا الاَن .

و لأن السلفيون لا يملكون أى رؤية إقتصادية فهم يسوقون لأنفسهم دينياً عن طريق إصلاحات دينية كما يقولون و أن هذه الإصلاحات الدينية ستهبط علينا بخيرات السماء و هذا كلام غير واقعى و غير منطقى .

فالمشروع السعودى الذى يتبناه السلفيون غير قابل للتطبيق فى مصر لعدة أسباب أهمها :
1- عدم وجود أبار النفط فى مصر فمصر لا تمتلك ثروات طبيعية فثروة مصر فى أبنائها و ليس فى أبار النفط .
2- الشعب المصرى الاَن يقترب من 90 مليون بينما الشعب السعودى 22 مليون فقط .
3- طبيعة البيئة الرطبة فى مصر و الجافة بسبب حياة البدو فى السعودية، و الفارق الحضارى الشاسع بين البلدين .

و هذا سيخلق كبتاً فى مصر مما سيزيد من انتشار الجرائم و الأمراض النفسية فنظراً لطبيعة المجتمع السعودى الجافة و الرواج الاقتصادى فالمواطن السعودى يخرج خارج السعودية مرة على الأقل سنوياً يخرج فيها ما بداخله من كبت .

و نظراً لأن السلفيون يحرمون البنوك فإنهم سيتخذون قرارات إقتصادية خاطئة ستؤدى إلى هروب رؤوس الأموال من مصر كإلغاء البنوك فى وقت نحتاج فيه إلى أزدياد الاستثمارات الأجنبية حتى تزيد الصادرات و يتم تقليص الفارق فى الميزان التجارى بين الصادرات و الواردات .

و بإلغاء البنوك ستخرج مصر من السوق العالمى و بالتالى لا صادرات مما سيؤدى إلى خسارة العملة الصعبة فلا صادرات و لا واردات فى وقت نستورد فيه أغلب احتياجاتنا من الطعام و الشراب من الخارج مما سيؤدى إلى عواقب وخيمة .

كما أنهم سيقومون باتخاذ قرارات خاطئة فى مجال السياحة مما سيؤدى إلى تدمير صناعة السياحة فى مصر و بالتالى خسارة أخرى للعملة الصعبة التى تأتى من الخارج و التى تحتاجها مصر لتعويض الفارق الفادح فى الميزان التجارى .

و هذا سيؤدى إلى انهيار مخذون النقد الأجنبى فى عدة شهور فقط .

و ستؤدى هذه القرارات الإقتصادية الخاطئة إلى نتائج فادحةعلى مصر من مجاعة و انتشار للبطالة و بالتالى ازدياد لمعدلات الجريمة و انهيار الأمن و الاستقرار .

و هذا سيؤثر بالسلب على حوالى 70% من الشعب المصرى.

و ستكون نتيجة ذلك حدوث ما يُسمى ب"ثورة الجياع" و انهيار تام لنموذج الدولة الدينية فى مصر إلى الأبد .

و بالتالى سيصبح عندنا أكثر من 95% من الشعب المصرى قد تأثروا سلباً بوصول السلفيين للحكم .

و السؤال الذى يطرح نفسه هو هل سيتطيع السلفيون التخلى عن تزمتهم و أفكارهم البالية التى لم تعد تناسب العصر خاصة فى المجال الإقتصادى ؟
هل سيستطيعون مجاراة الإقتصاد العالمى و الدخول فى عجلة الاقتصاد العالمى التى تخالف مبادئهم فى اعتمادها على البنوك و اقتصاد اَليات السوق ؟
أم أن المصريون سيتحولون على أيديهم إلى عمالة رخيصة أرخص من الهنود فى دول الخليج و السعودية ؟!
و هل ستعيش مصر على معونات دول الخليج و السعودية اللاتى تدعمهم الاَن ؟!

هذا ما ستكشف عنه الأيام القادمة .

أسأل الله العلى العظيم أن يحفظ هذا الوطن من كل شر و أن ينعم عليه بكل خير ...

دكتور || أيمن أحمد

هناك 9 تعليقات:

  1. مقاله رائعه .. تستحق القراءة لمرات و مرات

    ردحذف
  2. في الغالب شعبك هيتعلم من خلال التجربة و الخطأ كما تتعلم الكائنات البدائية .. مفهوم التفكير التحليلي المنطقي غير متواجد الان ......... احنا شعب "ظياط"

    ردحذف
  3. ربنا يخليك يا شادى منور المدونة :)

    ردحذف
  4. التجربة هتخليهم يتعلموا يا محمود و أنا متفق معاك إنه الشعب مش هيعرف اللى احنا بنادى بيه غير لما يحكموا المتأسلمين و يضيعوا البلد
    منور المدونة :)

    ردحذف
  5. تسلم ايدك يا ايمن انتا جبت من الاخر ,, ياريت مقالتك تنتشتر على اوسع نطاق

    ردحذف
  6. الحريّة الثورية ...



    الحريّة في جوهرها مفهومٌ ثوريّ ، يدعو إلى تحطيم الأغلال والقيود ، وإزالة العوائق المعطّلة لنموّ الإنسان وتقدّمه وازدهاره ، وصياغة الواقع بما يحقّق للإنسان كرامتهُ الشّخصيّة ، ومكانته الاجتماعيّة في العالم ، والحريّة بوصفها مفهوماً ثوريّاً ، تتّخذُ من المفاهيم والقيم الأخلاقيّة ، منطلقاً لها في سعيها نحو التعيّن والتّحقّق .

    الحرية الدينية ...

    الحريّة الدّينيّة هي الاعتراف بحقّ كلّ فردٍ في اختيار دينه ، واحترام عقيدته ، وممارسة شعائره وطقوسه الدّينيّة ، بمعزلٍ عن أيّ من أشكال القسر والإكراه ، فلا إكراه في الدّين ، ولأنَّ الدّين أمرٌ شخصيٌّ منوطٌ بالفرد ، وبعلاقته مع ربّه ، فهو حقٌّ أساسيٌّ من حقوقه الحياتيّة ، لا يحقّ لأيِّ التدخّل في شؤونه ، أو الإساءة إليه ، بما في ذلك ممارسة التكفير من جانب بعض الأفراد و الجماعات و الدّول ، واتّخاذ عقوبات ماديّة أو معنويّة بحقّهم ، فمن حقّ المتديّن ممارسة شعائرة وطقوسه الدّينيّة الفرديّة والجماعيّة ، في إطار التّنوع الدّينيّ والمذهبيّ للمجتمع واحترام الآخر ، من أتباع الدّيانات السّماويّة والمذاهب الدّينيّة المختلفة . من ناحية أخرى لا يعني القول بالحريّة الدّينيّة للأفراد والجماعات ، قبول أو تسويغ الأعمال العنفيّة وغير الإنسانيّة الّتي يقوم بها البعض باسم الدّين ، فالحريّة الدّينيّة مشروطةٌ بالتّسامح ، وعدم الاعتداء و الإكراه والتطرّف بكافّة أشكاله ، من قبل الأفراد والجماعات والدّول ، فالله وحده القيّم على الدّين ، لا البشر .

    """"""""""""""""""""""""""​""""""""""""""""""""""""""​""""""""""""""""""""""""""​""""""""""""""

    الخلاصة ::::::

    الحريّة حاجة إنسانيّة أصيلةٌ في الإنسان ، مصدرها الشّعور الشّخصيّ بامتلاكها وممارستها في مناشط وحقول الحياة المختلفة ، وبالتّالي فهي ليست لغزاً مبهماً يصعبُ تفسيرهُ وفهمه و تعقّله ، وكونها حاجةً إنسانيّةً فإنّها تكتسب مشروعيّتها العمليّة من خلال التزامها بجملة قواعد وضوابط وشروط ، تكفل للإنسان تلبيتها والتّعبير عنها والحفاظ عليها ، أساسها احترام حريّة الآخرين ، وعدم النّيل منها ، لذا تخضع الحريّة لاعتبارات أخلاقيّة واجتماعيّة وقانونيّة ، فالإنسان حرّ في فكره وقوله وفعله وسلوكه ، متى التزم باحترام الآخرين وعدم إلحاق الأذى بهم . والحريّة الإنسانيّة بصورتها الفرديّة والمجتمعيّة ، قضيّة مقدّسة ، أساسها الحق الطّبيعيّ باعتبارها حاجةً فطريّةً لا مكتسبة . من ناحية أخرى الغاية النّهائيّة للحريّة هي البناء لا الهدم ، رغم اتّخاذها من جدليّة الهدم والبناء أسلوباً لتحقيق البناء المستمرّ في حياة الإنسان الفاعل في حياته ومجتمعه وعالمه .

    واننا لصامدون ومستمرون فى ثورتنا حتى تتحق كامل مطالب الشعب المشروعة والتى من اجلها سقط الشهداء من خيرة شباب هذا الوطن.. ومن رابع المستحيلات ان تعود الثورة للوراء مهما كانت النتائج والتوقعات,ستظل مصر فوق الجميع رغما عن الناس اياهم

    "ان قوة هذا الوطن تتمثل فى وحدة ابنائه بكافة طوائفهم ....لا فى تشتتهم وانصياغهم للوصاية الخارجية التى لامبرر ولا فائدة منها فالتشتت فناء ... والاتحاد قوة ........

    كلنا مصريون نحيا ونموت على ارض مصــــــــــــــــــــــر الطاهرة التى ارتوت ارضها بدماء الشهداء الابرار الذين صنعوا لنا طريق المجد والحرية ,,,, بارواحنا ودمائنا وكل ما نملك نفديها فالدين وطن والوطن دين ولا يمكن الاستغناء عن ايا منهما ..

    ردحذف
  7. اعتقد ان المستقبل مرعب لو السلفيين تولوا مقاليد الامور فى مصر

    ردحذف
  8. الله يسلمك يا طارق :)
    إذا الشعب يوماً أراد الحياة ... فلابد أن يستجيب القدر
    هنعيش أحرار و هنموت أحرار إن شاء الله

    ردحذف
  9. إن شاء الله ده مش هيحصل يا رشا و ربنا هيحمى مصر من شر هؤلاء

    ردحذف

Blogger Widgets