الجمعة، 16 سبتمبر 2011

رأى الدكتور مصطفى محمود فى السلفيين و فكرهم



ثم هذا اللغم الإسلامى الذى زرعوه -قاصداً الاستعمار البريطانى- فى بلادنا و أشعلوا طرفه فى ذكاء و حذر فإذا بطوائف إسلامية عديدة تخرج علينا بأسماء متباينة مختلفة ترفع راية السلفية و تحرم باسمها كل شئ و ترفض جميع المؤسسات الديموقراطية بكل أشكالها، و تطالب بإبطال العقل و بتكفير الاجتهاد و برفض المنهج العلمى، و تقول بأن نظامنا الإقتصادى حرام، و الفن حرام والموسيقى حرام، و التليفزيون حرام، و السينما حرام و المسرح حرام، و الرسم حرام و التصوير حرام، و النحت حرام ، و الخدمة فى جيش الدولة حرام، و تقبيل العلم المصري وثنية، و الزهور البلاستيك فى البيوتفيها شبهة شرك .. بل إن استعمال الخل حرام و استعمال الكحول فى تطهير الجروح حرام و لبس النايلون حرام، و الاشتغال بوظائف الدولة مساهمة فى الكفر، و الالتحاق بالمدارس و الجامعات هو تحصيل للكفر و تعلم للكفر.

فإذا سألتهم ماذا يريدون ؟ 
قالوا : نريد أن نعيش كما كان يعيش النبى محمد عليه الصلاة و السلام و لا نزيد.
فإذا قلت للواحد منهم : و لكنك تركب سيارة و تحمل على كتفك مدفع كلاشنكوف و النبى عليه الصلاة و السلام كان يركب البغلة و كان يقاتل بالسيف.
فكيف تحل لنفسك ما تحرمه على غيرك ؟
و كيف تستعين بعلوم الكفار و مخترعات الكفار؟
حينئذ يصاب بالبكم و الخرس و ربما أسكتك برصاصة من مدفعه.

و لكن البوليس سوف يكتشف ما هو أكثر. فسوف يجد فى جيبه دولارات و فرنكات و روبلات، و سوف يعثر فى بيته على أجهزة لا سلكية .. فمثل هذا العميل هو بعض ما زرع الكيان الصهيونى فى أرضنا من ألغام لتفتيت الإسلام من داخله. 

و إذا كان بعض الشباب يسير فى هذا الركب مخدوعاً .. فإن القيادات الماكرة و رءوس الفتنة التى تحفر لتهدم البيت تعلم تماماً ماذا تفعل .

و لابد أن نجند أنفسنا ككتيبة توعية لتحارب هذه الفتنة و تقتلعها من جذورها، و حينما يبدأ أحدهم ذلك الجدل حول الرسم و التصوير و الزهور و البلاستيك و النايلون و الخل .. نقول له أفق يا رجل.
هناك من يُخطط ليقتلع المئذنة كلها، و يأخذ بيتك و أرضك و يسلبك وطنك و هويتك .. و أنت تجادل فى الخل و النايلون و البلاستيك، و تعيش فى متاهات خلافية، و تحاول أن تقسم الشعرة نصفين. أفق يا رجل من هذا الخبال .. إن الله جعل الأرض كلها للمسلم مسجداً طهوراً حتى الأرض الأمريكية و الأرض الروسية تستطيع أن تصلى عليها .. فما بال أرض مصر أرض الأديان و التوحيد منذ سبعة اَلاف عام، و أرض الألف مئذنة و أرض الأزهر .. و أنت تُريد أن تهاجر منها معتقداً أنها أرض كفر.
من قال لك هذا خدعك و من نصحك بهذا خانك .. و دعوتك تلك هى أكبر خيانة لدينك و بلدك.

إننا نعيش حرباً خفية و نلتحم كل يوم بتلك العقبات.

و هى غير الحرب الإقتصادية المعلنة علينا من الكبار.

و غير الغزو الفكرى الذى يتسلل إلينا من الكتب و المنشورات.

و غير الحرب الفعلية المعلنة فى الخليج و لبنان.

و غير الحرب السياسية الماكرة المعلنة فى سراديب الكيان الصهيونى.

و لكن الهدف واحد فى جميع تلك الحروب هو تفتيت المنطقة و ضربها بعضها ببعض تمهيداً لالتهامها ..

و الإسلام غير تلك النطاعة و هو قيمة عليا فوق هذا الجدال السخيف.

و الإسلام يتفاعل و يأخذ و يعطى فى كل زمان دون تعصب و دون عدوان، و نراه حتى فى الجاهلية يأخذ بعض أخلاق الجاهلية مثل كرم الضيافة و الشهامة و النخوة و الشجاعة، و برفض أخلاقاً أخرى مثل العصبية و التفاخر بالأنساب.

و الإسلام ليس انقلاباً و لا ثورة يوم بها العسكر، و إنما إيمان و عقيدة و مجاهدة للنفس، و تخلق بمكارم الأخلاق و هو لا يتنكر لأعراف الناس القديمة، و إنما يتبين الصالح منها و يشجعهكما أنه لا يرفض الجديد بل يختبره و يأخذ منه الصالح النافع، و هو يلتقى مع الديموقراطية الغربية فى فكرة انتخاب الحاكم، و فى فكرة مجلس الشوري.

و الإسلام ليس ضد الفن فقد استمع النبى عليه الصلاة و السلام إلى شعر الخنساء و استحسنه كما استمع فتيان المدينة و فتياتها يغنون و يضربون بالدفوف أغنية طلع البدر علينا، و ذلك حينما أهل عليهم بطلعته مهاجراً من مكة.

و التلفزيون و الإذاعة و السينما و المسرح كلها أدوات محايدة، و هى ليست خيراً و لا شراً فى ذواتها، و إنما خير أو شر بما يوضع فيها، و هى يمكن أن تكون جامعات و منارات علم.

أما الرسم و النحت و التصوير فقد انقطعت علاقتهما بالشرك فلم تعد هناك رسوم تعبد و لا تماثيل تتخذ أصناماً. و إنما لوحات فنية للزينة و لتربية الإحساس بالجمال و الكلام فى حرمتها فى غير ذى موضوع.

و المعترضون على نظام البنوك و الذين يفهمونه بأنه نظام ربوى نقول لهم عندكم البنوك الإسلامية فشجعوها بإيداعاتكم.

أما الكلام فى تحريم الخل و النايلون و الزهور البلاستيك فهى بعض اللوثة العقلية السائدة. و هى مؤشرات لحالة فقدان الوزن و لحالة الفراغ الثقافى الذى وصل إليه الشباب، حالة التبعية العمياء لبعض القيادات الماكرة فأصبح الواحد يسمع أى كلام فيردده فى ببغاوية و دون تفكير.

و إلى هؤلاء الشباب أقول لهم : أفيقوا .. أفيقوا إلى ما يُراد بكم.


دكتور مصطفى محمود 

كتاب "و بدأ العد التنازلى" صفحات 33-37

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Blogger Widgets