الخميس، 30 يناير 2014

هل يستلهم المصريون الهوية المصرية كنقطة إرتكاز لبناء الحضارة؟!



العرب والمصريون منذ دخول العرب مصر يميلون للشكل والخارج فقط لا غير مثل التعبير باللغة العربية كلها محسنات بديعية وصيغ مبالغة وتشبيهات جمالية تطرب الأذن فقط لا غيرككتابات عبد الحميد الكاتب، والموسيقي العربية لا تميل للعمق والغوص في الذات الإنسانية بعكس الموسيقي الغربية كسيمفونيات بيتهوفين وروائع موتزارت، ولم يخلد للعرب أثر تاريخي عدا الخط العربي وزخارف المساجد التي تطرب عين الناظرين! فالعرب لم يفهموا الفلسفة ولا أحبوها فكان أسهل ما عندهم لإخفاء قصورهم العقلي هو اتهام الفلاسفة من أمثال بن رشد بالكفر والإلحاد والزندقة، واضطهاد آباء علم الكلام بل وذبحهم في مشاهد مأساوية كذبح الخليفة هشام بن عبد الملك لغيلان الدمشقي ( قتله الخليفة هشام عبد الملك بسبب آراءة في القدرية واعتقاده في الحرية وليس الجبرية كما كان يروج الأمويون لاحباط الناس من تغيير حكمهم ولتصدير فكرة أنهم اجبار من الخالق لا يجوز تغييرهم لأنه تحدي لإرادة الله. يقول ابن عساكر في تاريخه, ما ملخصه أن الخليفة الحانق علي غيلان قبلها بسنين, زعق فيه "مُد يدك" فمدها غيلان, فضربها الخليفةُ بالسيف فقطعها. ثم قال "مُدّ رجلك" فقطعها الخليفة بالسيف الباتر … وبعد أيام مرَّ رجلٌ بغيلان, وهو موضوع أمام بيته بالحي الدمشقي الفقير, والذُباب يقع بكثرة علي يده (المقطوعة) فقال الرجل ساخراً: يا غيلان, هذا قضاءٌ وقدرٌ! فقال له: كذبت, ما هذا قضاء ولا قَدَر… فلما سمع الخليفة بذلك, بعث إلي غيلان من حملوه من بيته, وصلبه علي باب دمشق).

فالشخصية العربية لا تميل للعمق والتعمق والتفكير فلا تجد أي إنجاز فكري لأي عربي نهائيا، كلها إنجازات مستعربين ليسوا عرباً.

أما الحضارة المصرية القديمة فكانت تميل للرمز والعمق فتجد نفسك تقف أمام الأثر أو الكتابة المصرية القديمة بالساعات تفكر في معانيها وما وراءها وتجد نفسك دون وعي منك تحلق في المكان، هذه هي الحضارة التي عاشت 7000 عام متحدية الزمن والعلم، بعكس وهم آخر أسموه حضارة؛ إنه وهم الحضارة العربية والإسلامية التي لا نسمع عنها إلا في وثائقيات الجزيرة القطرية، ولا نقرأ عنها إلا في كتب صفراء تباع علي الأرصفة تطبع وتوزع بمبالغ رمزية لطمس ما علق في ذاكرة الأحفاد من تراث الأجداد، بينما الحقيقة أن العرب لم يكونوا حضارة، إنما كانت كلها إجتهادات فردية علي يد المستعربين الذين نقلوا تراث أجدادهم وحضارة أسلافهم غير العرب!

فاللغة العربية التي تهتم بالمظهر علي حساب الدقة لا تصلح أبدا أن تكون لغة للعلم، وكذلك العقل العربي الفارغ التافه الذي لا يشغله في الدنيا إلا المظهر يصلح أن يبني حضارة.

فالشخصية المصرية تعرضت لتجريف علي مدي أكثر من 1400 عام منذ دخول العرب مصر فتم إجبار المصريين علي التحدث باللغة العربية بدلا من القبطية، واستبدال الثقافة المصرية القائمة علي العمق والتفكير بالخزعبلات العربية التي قضت علي ميزة التفكير عند المصريين.

وتم استعباد الفلاح المصري لصالح العرب في الصحراء، فالفلاح المصري يصحو مع شروق الشمس منذ آلاف السنين ليزرع، أخذوا ما تنتجه يداه وما كَدّه بعرقه ففرضوا عليه الضرائب الباهظة التي كان دائما يضجر منها المصريون فيقومون بثورة ضد حكم المحتل مصاص الدماء العربي ما تلبث أن تهدأ حتي يعاود المصريون الثورة من جديد فكانت تقابل ثورات المصريين بالقمع والقتل والذبح من جانب العرب ولعل أشهرها علي الإطلاق ثورة البشموريين التي اضطر فيها الخليفة المأمون أن يأتي علي رأس جيشه ليعمل القتل والذبح في الفلاح المصري الثائر الذي ضاق به الحال من الاضطهاد العربي.

وعندما قامت ثورة 1919 أصبح شُغل المثقفون المصريون الشاغل هو تعريف الهوية المصرية، وأغلبهم خلص أنه لا فلاح لمصر إلا باستلهام الروح المصرية القديمة روح مصر الحقيقية والانسلاخ من العرب.

وهكذا كانت مصر التي اقتربت من أوروبا ومن الحضارة التي كانت تحترم الحريات والتي كان فيها الفلاح المصري البسيط ينظر للدين نظرة أكثر رحابة وأكثر حكمة تجعله يتقبل الخلاف العقدي والفكري والدينى بصدر رحب، للدرجة التي سمحت له بتقبل أن يكون رئيس وزراء مصر في يوم من الأيام مسيحى (مكرم باشا عبيد)، إنها سعة الأفق التى ورثها هذا الفلاح من الأجداد والتى لا يتمتع بها اليوم المتعلمون حاملوا الشهادات!

إلا أننا تراجعنا بعد نهاية عهد الملكية بعد استلهامنا للروح المصرية فيما عُرف (بالحقبة الليبرالية) ونحيناها جانبا لصالح شعارات القومية العربية التي رفعها عبد الناصر والتي ما لبثت أن انكشفت علي حقيقتها أمام أول انكسار في 67، فوجدنا أنفسنا نتجرع ونعيش مرارة الهزيمة وحدنا، فسقطت أوراق التوت عن شعارات القومية العربية وانكشفت أوهام العروبة.

ومع ظهور جماعات كالإخوان في الثلاثينيات بدأ تيار يدعو للقومية الإسلامية وعودة الخلافة واختفت هذه الجماعات المتطرفة أمام الضغط الأمني بعدما انكشفت وجوهم الشيطانية الحقيقية فحاولوا اغتيال عبد الناصر ومن قبله اغتالوا النقراشي باشا والقاضي الخاذندار وغيره من العمليات الإجرامية التى قام بها الجناح العسكرى فى الجماعة بقيادة عبد الرحمن السندى.

وبعد انهيار أوهام القومية العربية وتولى السادات حكم مصر أعاد التيارات الدينية للحياة مرة أخري لمقاومة الشباب الشيوعي في الشارع، فكانت هذه الفترة هي البداية الحقيقية لظهور العنف الطائفي في مصر، وانهيار المصري المتسامح المتقبل للآخر بصدر رحب، وصادف ذلك هجرة الكثير من المصريون لبلاد الصحراء للعمل ليعودوا مصر بالروث الفكري الصحراوي وليتحول الدين في مصر لمجرد مظار وشعارات كاذبة فمع انتشار الحجاب مثلا زادت حوادث التحرش الجنسي والاغتصاب في إشارة رهيبة للتحولات التي حدثت ﻷخلاق المصريين مع إنتشار هذه الجماعات التي في النهاية قتلت السادات فكان كمن ربي شبلا في بيته حتي كبر وصار أسدا فالتهم صاحبه! ولعل أبرز خطبة للسادات من وجهة نظري هي خطبته الأخيرة التي يقول فيها بالنص (أنا كنت غلطان إني طلعتهم من السجون دول مكانهم السجون)!

واستمر إرهاب هذه الجماعات علي مدي عقدين من الزمان والتى توقفت أمام الضربات الأمنية المتعددة التي تلقتها في الداخل والخارج.

ثم عادت هذه الجماعات الظلامية لتطل من جديد بثوبها الحقيقى بعد ثورة 25 يناير لتختطف ثورة الشباب، ولا أنسي وصف شيوخ هذه الجماعات لهذا الشباب (علي رأسهم شيخ اشتهر بتقبيل يد الرئيس المصري الجديد) الذين لم يتحرجوا من قول (ربنا سخر لينا الشباب الليبرالي والعلمانى علشان يموت وإحنا نصل للحكم لتطبيق شرع الله)!

إننا أمام محاولة جديدة مستميته للإستيلاء علي مصر من جديد من قبل العرب الصحراويون عن طريق هذه الجماعات الظلامية التي في حالة وصولها للحكم لن تتركه أبدا وستقوم بطمس معالم تاريخ حضارتنا للأبد فهم يخططون لهدم الآثار التى عجز الزمن عن محوها ويخططون للسيطرة والتمكين على الأقل لمائتى عام قادمين!

فهل يتعلم المصريون من دروس التاريخ ويرفضون هذه الجماعات الظلامية وهذه الخزعبلات الظلامية ويستلهمون من جديد مشروع بناء نهضة حقيقية وحضارة تعلم العالم كما فعلها الأجداد، مشروع قائم علي الروح المصرية الحقيقية لا أوهام العروبة وخزعبلات الظلاميون الدينية؟!

أيمن أحمد

جميع حقوق الملكية الفكرية محفوظة للكاتب وللمدونة لا يجوز الاستعانة بأى من كتابات المدونة أو الكاتب إلا بعد الحصول على تصريح من الكاتب والمدونة ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Blogger Widgets