الخميس، 30 يناير 2014

استقلت سيارة الأجرة، ورحلت (قصة قصيرة)

بقلم أيمن أحمد
كنت أسير فى الشارع لا ألوى على شئ أطوى الطرقات طياً لا أعرف لخطواتى وجهة محددة، وعند ميدان رمسيس وقعت عيناى على عينين مألوفتين لهما .. ابتسمت وابتسمت ولا أعلم هل كنا نبتسم حقاً أم أننا تكلفنا عناء رسم ابتسامتين على صفحتى وجهينا لقتل حرارة اللقاء أو لكسر برودة الصدفة التى جمعتنا، بدأت هى بمحاولة إطفاء ما انتابنا من حرج وسألتنى عن أحوالى ؟
- كما ترين، أعيش وأتعايش فى هذا الوطن، الأيام تشبه بعضها، وأنتِ كيف تسير الأمور معك ؟
- تمام، ما بين العمل والدراسة، لا يوجد لدى أى وقت، لا أكاد أصدق أننى وصلت للبيت لأستلقى على سريرى.
- أعانك الله، أتمنى لكِ التوفيق.
قطعنا الطريق سيراً على الأقدام باتجاه التحرير دون أن ينبس أحدنا بكلمة، عندما وصلنا إلى منطقة الإسعاف التفت لها وقُلت لماذا كل ذلك ؟!
تأوهت لا أعلم هل كان تأوهها تأوه الضاجر بالسؤال أم المنتظر لسؤال مُتوقع أم لأنى أيقظتها على حين غرة من أحلام اليقظة التى كانت تتملكها كثيراً. لم تُجب، سألتها ثانية، لم تُجب، كررت السؤال للمرة الثالثة، توقفت ونظرت إلى نظرة لن أنساها ما حييت، ثم أشاحت بوجهها عنى ونظرت للجهة الأخرى وخرج صوتها الرخيم : أنت لن تفهمنى مهما قُلت، لقد حاولت ألا أجرح مشاعرك كثيراً، سأقولها لك مباشرة كى تفهمها، لم يعد بداخلى شئ تجاهك، لقد مات كل ما كان بداخلى.
استقبل كلامها بحنق وحزن، فضل الصمت حتى لا يخرج عن وقاره فى الشارع، استجمع قواه بعد عدة دقائق، وقال لها محاولاً كتم أنفاسه التى بلاشك تفضح ما أصابه من حنق وغضب : وما الذى غير ما كان بداخلك ؟! أنتِ حاولتِ قتل مشاعرك تجاهى، ولكن هيهات أن تستطيعى يا عزيزتى، والدليل هروبك المستمر منى ! لقد بحثتِ عن كل شئ لتكرهينى ولم تستطيعى ولن تستطيعى، من يحب يا عزيزتى يحب عيوب وسلبيات من يحب قبل مميزاته وإيجابياته ! أنا أحتاج لأن أفهم .. لماذا كل ذلك ؟!
جاء جوابها بنبرات مندفعة متوترة : أنت تعرف لماذا كل ذلك .. كل شئ مات منذ آخر لقاء كان بيننا !
- لم يكن خطئى منفرداً، بل كان خطأ مشتركاً !
- أنا لا أنفى عن نفسى اشتراكى فى الخطأ !
- لقد كانت مجرد نزورة عابرة، لا أُخفيك سراً أننى نسيت ما حدث ولا أتذكر منه شيئاً !
- وأنا لم أنس !
- وهل الحل هو الإنسحاب بسبب خطأ أحدنا أو كلانا !
- الإنسحاب هو الحل لأن ما حدث كان خطأ.
- أين الخطأ ؟! علاقتنا أم النزوة العابرة !
- كل شئ كان خطأ !
- أنتِ تذبحيننا !
زفرت بشدة زفرة عبّرت عن مدى ضيق صدرها بالحديث وقالت :
- نعم، أنا معقدة نفسياً، وأنصحك بالإبتعاد عنى !
- أنا أحبك كما أنتِ !

كنا قد وصلنا إلى ميدان التحرير، وكانت هذه آخر جملة نطقت بها، نظرت إلى بتوسل وتضرع ولم تنطق، فأوقفت سيارة أجرة، استقلتها ورحلت !
https://www.facebook.com/pharmacisteg/posts/10201006130505921
بقلم دكتور أيمن أحمد عجور
جميع حقوق النشر محفوظة للكاتب والمدونة ولا يجوز الإقتباس من المدونة دون الرجوع للكاتب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Blogger Widgets